انواع المتغيرات وتعريفها
للمتغيرات علاقة بنائية وثيقة بالمفاهيم و التعاريف، لذا وجب التعرض لها تباعا و من العام الى الخاص
المفاهيم
تقدم النظريات في تفسيرها للحقائق و العلاقات العديد من المفاهيم و التعريفات و المتغيرات المتجدد التي يتم اختبار علاقاتها بعد ذلك في الفروض.
فالحقائق تكتسب قيمتها من المعاني و الصور المشتركة التي يرسمها الأفراد لها و يتفقون عليها في البيئة الواحدة.
و هذه الصور تصاغ في شكل رموز لغوية ذات دلالة. و نظرا لاختلاف هذه الرموز و دلالاتها تبعا للمجال المعرفي و التخصص العلمي و الخلفية الثقافية، فإنه يتم التعبير عن الرموز و دلالاتها أو معناه في المجال العلمي بالمفهوم (Concept).
فقد جاء في المعجم الوسيط، المفهوم من مصدر(فهمه) فهما أحسن تصَوره وجاد استعداده للاستنباط، و (الْفَهم) حسن تصور الْمَعْنى وجودة استعداد الذِّهْن للاستنباط، (الْمَفْهُوم) مَجْمُوع الصِّفَات والخصائص الْمُوَضّحَة لِمَعْنى كلي ويقابله الماصدق.
و الماصدق (عِنْد المناطقة) الْأَفْرَاد الَّتِي يتَحَقَّق فِيهَا معنى الْكُلِّي و الماصدق هو ما ينطبق عليه الاسم، أما المفهوم فهي صفات ذلك الاسم.
فمصاديق (الكتاب) هي كل كتاب على حدة، وجد أو لم يوجد. وفي أي مجال ، ومن أي حجم ولون ونوع ورق، ولغة، ومحتوى،..الخ. و أما مفهوم (الكتاب) فهو معناه وصفاته : ذو غلاف، وله أوراق ، وله مؤلِّف، كتاب بصري أو صوتي أو لمسي ..الخ.
المفهوم في الفلسفة :
“فكرة عامة ومجردة تسمح بتصنيف الموضوعات والموجودات وتكون قابلة للفهم والامتداد”.
و يرى ك.كوبر (1962) K.Poper : أن المفاهيم ” هي معان مرتبطة بأسماء ورموز و أفكار حول الظواهر الطبيعية”.
و يقول فرنك (1962) Frank : أن ” المفاهيم تكون لغة العلم “.
المفهوم في علم النفس:
- يرى ستاتس (1961) States : أن المفهوم ” عادة لفظية مألوفة ، تتكون دائما على أساس فئة من الموضوعات المثيرة و المشكلة من عناصر متشابهة”،
- عند كرونباخ (1954) Cronbach : “المفهوم هو التعرف على وضعية مشابهة أو مكونة من عناصر مماثلة”، المفهوم عند هانت (1962) Hunt : ” فكرة أو صورة ذهنية عن فعل أو شيء، إنه تعميم حول حدث ما”،
- و هو عند برونر (1956) Broner: ” عملية (استنتاجية) دالة تتم من خلال نشاط تصنيفي”.
عموما المفهوم فكرة أو صورة عقلية تتكون من خلال الخبرات المتتابعة التي يمر بها الفرد سواء كانت هذه الخبرات مباشرة أم غير مباشرة . ويتسم كل مفهوم بمجموعة من الصفات والخصائص التي تميزه عن غيره. المفاهيم هي معاني الأفكار وليس معاني الكلمات أو الألفاظ . فإذا كان لمعنى اللفظ واقع محسوس و مدرك، أصبح ذلك اللفظ مفهوم.
فالمفاهيم هي المعاني المدرك لها واقع في الذهن . سواء كان واقعا محسوسا في الخارج ام واقعا مسلم به انه موجود في الخارج تسليما مبنيا على واقع محسوس.
الخلاصة
فالمفاهيم هي بناءات لغوية و تركيبات لغوية لفظية، تسهم في بناء التركيبات الأدق مثل المتغيرات و الفروض أو التعميمات و النظريات العلمية التي تشرح أو تفسر الظواهر العلمية و الثقافية ، انها عبارة عن بناءات فكرية
تمثل بعض مظاهر العالم ( الاجتماعية، السياسية …) في عبارات بسيطة. و نميز ثلاث حالات في استخدام المفاهيم:
أ) يمكن وصف الظاهرة من خلال مفهوم موحد، فمتى استقرت المفاهيم في البيئة العلمية الواحدة، فإن الرمز و المعنى يتلازمان كلما تم استعمال المفهوم خلال عمليات ملاحظة الحقائق و الأشياء ذات الصلة بهذه المفاهيم.
مثال: مفهوم” كثافة المشاهدة”
ان استخدام مفهوم “كثافة المشاهدة” في بحوث التعرض الى التلفزيون يشير الى الجلوس أمام التلفزيون لفترات طويلة مقارنة بالكثافة المتوسطة أو المحدودة.
و استدعاء المعنى في هذه الحالة لا يحتاج من الخبراء الى اعادة ملاحظة ظاهرة الجلوس أمام التلفزيون لفترات متباينة باعتبارها ظاهرة اعلامية، لأن هذا المفهوم بعد تكرار ملاحظته تم تجريده و عزله عن غيره من الظواهر،
فأصبح بناء لفظيا مجردا، أي يمكن استخدامه في الظواهر الت تم اشتقاقه منها و الاتفاق عليه، و في غيرها من الظواهر في المجال العلمي الواحد، أو في المجالات العلمية المتعددة ذات الصلة.
ب) يمكن وصف الظواهر المتعددة من خلال مفاهيم موحدة، مثل مفهوم ” التذكر” الذي يستخدم في ظواهر معرفية مختلفة ( اعلام، علم النفي، علوم سيايبة…)
ج) يمكن أيضا وصف ظاهرة واحدة من خلال مفاهيم متعددة مثل مفهوم التعرض و مستوياته، و مفاهيم القراءة و الاستماع و المشاهدة بمستوياتها، و هي تشير الى استخدام وسائل الاعلام و التصال بمستويات متعددة أيضا( صحافة، راديو، تلفزيون).
و تجدر الاشارة الى أن للمفهوم علاقة وثيقة بالمصطلح (Term) و لكنه يختلف عنه، و لبيان ذلك سنتناول المصطلح من الناحية اللغوية ثم الاصطلاحية في ما يلي:
جاء في المعجم الوسيط، المصطلح من )صلح (صلاحا وصلوحا زَالَ عَنهُ الْفساد، و (اصْطلحَ) الْقَوْم زَالَ مَا بَينهم من خلاف وعَلى الْأَمر تعارفوا عَلَيْهِ وَاتَّفَقُوا، و (الِاصْطِلَاح) مصدر اصْطلحَ واتفاق طَائِفَة على شَيْء مَخْصُوص وَلكُل علم اصطلاحاته
و المصطلح هو : الوسيلة الرمزية التي يستعين بها الإنسان للتعبير عن المعاني، والأفكار المختلفة بغية توصيلها لغيره من الناس، فهو يركز على الدلالة اللفظية للمفهوم.
والمصطلح كلمة تُستخدم في سياق نوعي متخصص وتشير إلى مفهوم دقيق ومحدد في هذا السياق
و حسب يوسف وغليسي(2008) المصطلح : “رمز لغوي (مفرد أو مركب) أحادي الدلالة، منزاح نسبياً عن دلالته المعجمية الأولى، يعبر عن مفهوم محدد وواضح ، متفق عليه بين أهل هذا الحقل المعرفي، أو يرجى منه ذلك”.
و بشكل دقيق، المصطلح هو “علامة لغوية خاصة تقوم على ركنين أساسيين ، لا سبيل إلى فصل دالها التعبيري عن مدلولها المضموني، أو حدّها عن مفهومها، أحدهما :
الشكل (Forme) أو التسمية (Dénomination) والآخر المعنى(Sens) أو المفهوم (Notion) أو التصور (Concept)
يوحدهما “التحديد” أو التعريف (Définition)؛ أي الوصف اللفظي للمتصور الذهني.”
و يختلف المفهوم عن المصطلح في أن المفهوم يركز على الصورة الذهنية، أما المصطلح فإنه يركز على الدلالة اللفظية للمفهوم،
كما أن المفهوم أسبق من المصطلح، فكل مفهوم مصطلح، وليس العكس، وينبغي التأكيد على أن المفهوم ليس هو المصطلح،
وإنما هو مضمون هذه الكلمة، ودلالة هذا المصطلح في الذهن ، ولهذا يعتبر التعريف بالكلمة أو المصطلح هو الدلالة اللفظية للمفهوم.
التعريف و تحديد المفاهيم
يعتبر غموض المفاهيم أو عدم الاتفاق على تعاريف محددة لها من ابرز المشكلات التي تؤثر في دراسة الظواهر و معالجتها و تطور البحث العمي، و لذلك يعتبر التعريف أو التحديد (definition) أمرا ضروريا و ملازما للمفهوم،
و تكمن اهمية التعريف في أنها هي من تربط المفاهيم و المصطلحات، فمن خلال التعريف يتم الاتفاق على المحددات الخاصة بكل مفهوم.
و التعريف في اللغة من المصدر (عرف) فلَان أَصَابَته العرفة فَهُوَ مَعْرُوف، (التَّعْرِيف) تَحْدِيد الشَّيْء بِذكر خواصه المميزة، أما في الاصطلاح: فهو عبارة عن ذكر شيء تستلزم معرفته معرفة شيء آخر،
و التعريف هو تحديد الخصائص التي تميز الشيء عن غيره من الأشياء. ونميز عموما ثلاث أنواع من التعريفات و هي:
أ. التعريف اللغوي:
هو المعنى الذي استعملته العرب للكلمة. و التعريف اللغوي ضروري، و لكنه وحده لا يكفي في أنواع البحوث جميعها.
ب. التعريف الاصطلاحي:
يقصد به المعنى الذي اصطلح أهل فن ( علم ) معين على إعطائه لتلك الكلمة .
و التعريف الاصطلاحي ضروري، و لكنه لا يكفي في الدراسات الميدانية، و هو يناسب الدراسات النظرية.
و يتعرض هذا النوع من العريفات الى نقد شديد في الاستخدام نظرا الى ندرة الاتفاق على الرؤى الخاصة بالمفكرين و الباحثين للمفاهيم أو المصطلحات في العلوم الانسانية عموما.
ج. التعريف الإجرائي:
يقصد به التعريف الذي يحدد المفهوم من خلال سلسلة من الاجراءات أو التعليمات أو العمليات التي تشرح و جود المفهوم و خواصه التي يمكن الكشف عنها من خلال القياس أو المعايرة،
و بصفة خاصة عندما يتعامل الباحث مع هذا المفهوم خلال البحوث التجريبية أو التطبيقية، أو خلال ملاحظته لحركة هذا المفهوم و علاقاته و اتجاهاته. لابد من وجوده في الدراسات الميدانية فقط.
مثال: مفهوم “قراءة الصحف” يمكن تعريفها اجرائيا من خلال عدد الأفراد الذين يقرؤون الصحف بصفة منتظمة في المجتمع.
مفهوم” سلوك المشاهدة” يمكن تعريفه من خلال الاقبال أو العزوف عن المشاهدة، تكرار المشاهدة، الوقت الذي يقضيه الفرد في المشاهدة يوميا.
تعريف مفهوم المتغيرات(variables)
ان التعريف الاجرائي هو الذي يقود وصف المفهوم بالمتغير، و يصبح المتغير هو المفهوم في حالته الميدانية.
يقصد بالمتغير أي خاصية يمكن قياسها وتتباين قيمها من فرد إلى أخر أو من مجموعة إلى أخرى، و ذلك باستخدام مستويات القياس.
فعلى سبيل المثال البيانات الإحصائية التي يتعامل معها الباحث النفسي أو يقوم بجمعها ما هي إلا درجات أو مؤشرات لمقدار الشيء أو الصفة أو الخاصية موضوع القياس لدى الفرد، وعليه عندما نهتم بتحديد نوع الفرد ذكر أو أنثي نكون بصدد متغير النوع أو الجنس وعندما نهتم بتحديد درجة ذكاء الفرد نكون بصدد متغير الذكاء وعندما نهتم بتحديد درجة القلق عند الفرد نكون بصدد متغير القلق.